فصل: نجم الدين أيوب بن الكامل محمد على مصر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


 نجم الدين أيوب بن الكامل محمد على مصر

وهي سنة ثمان وثلاثين وستمائة‏.‏

فيها سلم الملك الصالح إسماعيل الشقيف لصاحب صيداء الفرنجي وعزل عز الدين بن عبد السلام عن الخطابة وحبسه وحبس أيضًا أبا عمرو بن الحاجب لأنهما أنكرا عليه فعله فحبسهما مدة ثم أطلقهما وولى العماد ابن خطيب بيت الأبار الخطابة عوضًا عن ابن عبد السلام‏.‏

وفيها ظهر بالروم رجل تركماني يقال له البابا وادعى النبوة وكان يقول قولوا‏:‏ لا إله إلا الله البابا ولي الله واجتمع إليه خلق كثير فجهز إليه صاحب الروم جيشًا فالتقوا فقتل بينهم أربعة آلاف وقتل البابا المذكور‏.‏

قال أبو المظفر‏:‏ ‏"‏ وفيها ذكر أن بمازندران - وهي مدينة العجم - عين ماء يطلع منها في كل ست وثلاثين سنة حية عظيمة مثل المنارة فتقيم طول النهار فإذا غربت الشمس غاصت الحية في العين فلا ترى إلا مثل ذلك الوقت وقيل‏:‏ إن بعض ملوك العجم جاء بنفسه إليها في مثل ذلك اليوم وربطها بسلاسل حتى يعوقها فلما غربت الشمس غاصت في العين وهي إلى الآن إذا طلعت رأوا السلاسل في وسطها ‏"‏‏.‏

قلت‏:‏ ولعلها لم تتعرض لأحد بسوء وإلا فكان الناس تحيلوا في قتلها وفيها وصل الملك الناصر داود من مصر إلى غزة وكان بينه وبين الفرنج وقعة وكسرهم فيها وغنم منهم أشياء كثيرة‏.‏

وفيها توفي أبو بكر محمد بن علي بن محمد الشيخ الإمام محيي الدين العالم المشهور بابن عربي الطائي الحاتمي في شهر ربيع الآخر وله ثمان وسبعون سنة وكان إمامًا في علوم الحقائق وله المصنفات الكثيرة‏.‏

وقد اختلف الناس في تصانيفه وأقواله اختلافًا كبيرًا‏.‏

قال‏:‏ وكان يقول‏:‏ أعرف الاسم الأعظم وأعرف الكيمياء بطريق المنازلة لا بطريق الكسب وكانت وفاته بدمشق ودفن بقاسيون بتربة القاضي محيي الدين بن الزكي‏.‏

ومن شعره في جزار‏:‏ # ناديت جزارًا تروق صفاته قد أخجلت سمر القنا حركاته يا واضع السكين في فمه وقد أهدى بها ماء الحياة لهاته ضعها على المذبوح ثاني كرةٍ وأنا الضمين بأن تعود حياته قلت‏:‏ وأحسن من هذا قول البرهان القيراطي - رحمه الله - في المعنى‏:‏ رب جزارٍ هواه صار لي دمًا ولحما فضت بالألية منه وامتلا قلبي شحما الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي أبو علي أحمد بن محمد بن محمود الحراني ثم البغدادي في المحرم‏.‏

والعلامة القاضي نجم الدين أبو العباس أجمد بن محمد بن خلف بن راجح المقدسي الشافعي مدرس العذراوية في شوال‏.‏

وخطيب داريا سمح بن ثابت‏.‏

وجمال الملك علي بن مختار العامري ابن الجمل في شعبان وله تسعون سنة‏.‏

ومحيي الدين أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن العربي الطائي الحاتمي المرسي وله ثمان وسبعون سنة‏.‏

مات في شهر ربيع الآخر‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمس أذرع وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وتسع أصابع‏.‏

السنة الثانية من سلطنة الملك الصالح نجم الدين أيوب على مصر وهي سنة تسع وثلاثين وستمائة‏.‏

فيها شرع الملك الصالح المذكور في عمارة المدارس بين القصرين من القاهرة وشرع أيضًا في بناء قلعة الجزيرة وأخذ أملاك الناس وأخرب نيفًا وثلاثين مسجدًا وقطع ألف نخلة وغرم عليها خراج مصر سنين كثيرة فلم تقم بعد وفاته وأخربها مماليكه الأتراك سنة إحدى وخمسين وفيها توفي أحمد بن الحسين بن أحمد الشيخ الإمام العالم شمس الدين النحوي الإربلي ثم الموصلي الضرير المعروف بابن الخباز صاحب التصانيف‏.‏

كان إمامًا بارعًا مفتنًا عالمًا بالنحو واللغة والأدب‏.‏

ومن شعره في العناق‏:‏ كأنني عانقت ريحانة تنفست في ليلها البارد فلو ترانا في قميص الدجى حسبتنا في جسد واحد قلت‏:‏ ومثل هذا قول العلامة أبي الحسن علي بن الجهم - رحمه الله تعالى -‏:‏ سقى الله ليلًا ضمنا بعد هجعةٍ وأدنى فؤادًا من فؤادٍ معذب فبتنا جميعًا لو تراق زجاجة من الخمر فيما بيننا لم تسرب ومثل هذا قول القائل‏:‏ لا والمنازل من نجدٍ وليلتنا بالخيف إذ جسدانا بيننا جسد كم رام منا الكرى من لطف مسلكه نومًا فما انفك لا خذ ولا عضد ومثل هذا أيضًا قول ابن التعاويذي - رحمه الله تعالى -‏:‏ فكم ليلةٍ قد بت أرشف ريقه وجرت على ذاك الشنيب المنضد وبات كما شاء الغرام معانقي وبت وإياه كحرف مشدد وفيها توفي موسى بن يونس بن محمد بن منعة بن مالك العلامة كمال الدين أبو الفتح الموصلي الشافعي‏.‏

مولده في صفر سنة إحدى وخمسين وخمسمائة بالموصل وتفقه على والده وغيره وبرع في عدة علوم‏.‏

قال ابن خلكان - رحمه الله -‏:‏ وكان الشيخ يعرف الفقه والأصلين والخلاف‏.‏

والمنطق والطبيعي والإلهي والمجسطي وإقليدس والهيئة والحساب والجبر والمقابلة والمساحة والموسيقى معرفة لا يشاركه فيها غيره‏.‏

ثم قال بعد ثناء زائد إلا أنه كان يتهم في دينه لكون العلوم العقلية غالبة عليه‏.‏

وعمل فيه العماد المغربي وهو عمر بن عبد النور الصنهاجي النحوي هجوًا - رحمه الله تعالى -‏:‏ أجدك أن قد جاء بعد التعبس غزال بوصلٍ لي وأصبح مؤنسي وعاطيته صهباء من فيه مزجها كرقة شعري أو كدين ابن يونس وكان العماد المذكور قد مدحه قبل ذلك بأبيات منها‏:‏ كمال كمال الدين للعلم والعلا فهيهات ساعٍ في مساعيك يطمع إذا اجتمع النظار في كل موطنٍ فغاية كلٍ أن تقول ويسمعوا ومن شعر ابن يونس ما كتبه لصاحب الموصل يشفع عنده شفاعة وهو‏:‏ لئن شرفت أرض بمالك قدرها فمملكة الدنيا بكم تتشرف بقيت بقا نوحٍ وأمرك نافذ وسعيك مشكور وظلك منصف ومكنت في حفظ البسيطة مثل ما تمكن في أمصار فرعون يوسف الذين ذكر الدهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي العلامة شمس الدين أحمد بن الحسين بن أحمد الإربلي ثم الموصلي الضرير النحوي صاحب التصانيف‏.‏

وأحمد بن يعقوب أبو العيناء المارستاني الصوفي في ذي الحجة‏.‏

والفقيه إسحاق بن طرخان الشاغوري في رمضان وله نحو تسعين سنة‏.‏

وأبو الطاهر إسماعيل بن ظفر النابلسي في شوال وله خمس وستون سنة‏.‏

وأبو علي الحسن بن إبراهيم بن هبة الله بن دينار الصائغ في جمادى الآخرة‏.‏

وخطيب بيت لهيا أبو الربيع سليمان بن إبراهيم بن هبة الله بن رحمة الإسعردي الحنبلي في شهر ربيع الآخر‏.‏

والفقيه عبد الحميد بن محمد بن أبي بكر بن ماض‏.‏

والعلامة كمال الدين أبو الفتح موسى بن موسى الموصلي ذو الفنون في شعبان عن تسع وثمانين سنة‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وإحدى وعشرون السنة الثالثة من سلطنة الملك الصالح نجم الدين أيوب على مصر وهي سنة أربعين وستمائة‏.‏

فيها كان الوباء ببغداد وتزايدت الأمراض‏.‏

وتوفي الخليفة المستنصر وبويع ابنه المستعصم‏.‏

وفيها عزم الملك الصالح المذكور على التوجه إلى الشام فقيل له‏:‏ البلاد مختلة والعساكر مختلفة فجهز إليها العساكر وأقام هو بمصر‏.‏

وفيها توفي كمال الدين أحمد بن صدر الدين شيخ الشيوخ بمدينة غزة في صفر عن ست وخمسين سنة وبنى عليه أخوه معين الدين قبة على جانب الطريق وكان قد كسره الجواد بعسكر الملك الناصر داود صاحب الكرك وقيل‏:‏ إنه مات مسمومًا‏.‏

ومن شعره ما كتبه لابن عمه سعد الدين‏:‏ لو أن في الأرض جنات مزخرفة تحف أركانها الولدان والخدم ولم تكن رأى عيني فالوجود بها إذ لا أراك وجود كله عدم وفيها توفي الخليفة أمير المؤمنين المستنصر بالله أبو جعفر منصور ابن الخليفة الظاهر بأمر الله محمد ابن الخليفة الناصر لدين الله أبي العباس أحمد ابن الخليفة المستضيء بأمر الله حسن ابن الخليفة المستنجد بالله يوسف العباسي الهاشمي البغدادي‏.‏

مولده في سنة ثمان وثمانين وخمسمائة ببغداد وأفه أم ولد تركية بويع بالخلافة بعد موت أبيه الظاهر بأمر الله في شهر رجب سنة ثلاث وعشرين وستمائة ولما ولي الخلافة نشر العدل في الرعايا وبذل الإنصاف وقرب أهل العلم والدين وبنى المساجد والربط والمدارس وأقام منار الدين وقمع المتمردة ونشر السنن وكف الفتن‏.‏

وكان أبيض أشقر الشعر ضخمًا قصيرًا وخطه الشيب فخضب بالحناء ثم ترك الخضاب‏.‏

ومات في العشرين من جمادى وقيل‏:‏ في يوم الجمعة عاشر جمادى الآخر عن إحدى وخمسين سنة وأربعة أشهر وتسعة أيام وكتم موته وخطب له يومئذ بالجامع حتى أقبل شرف الدين إقبال الشرابي ومعه جمع من الخدام وسلم على ولده المستعصم بالله أمير المؤمنين واستدعاه إلى سدة الخلافة ثم عرف الوزير وأستاذ الدار ثم طلبوا الناس وبايعوه بالخلافة وتم أمره‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي زين الدين أحمد بن عبد الملك بن عثمان المقدسي المحدث الشروطي‏.‏

وإبراهيم بن بركات بن إبراهيم الخشوعي في رجب‏.‏

وعبد العزيز بن محمد بن الحسن بن عبد الله ويعرف بابن الدجاجية‏.‏

وعلم الدين علي بن محمود ابن الصابوني الصوفي في شوال وله أربع وثمانون سنة‏.‏

وأبو الكرم محمد بن عبد الواحد بن أحمد المتوكلي المعروف بابن شفنين في رجب وله إحدى وتسعون سنة‏.‏

والمستنصر بالله أبو جعفر منصور بن الظاهر وله اثنتان وخمسون سنة توفي في جمادى الآخرة وكانت خلافته ثلاث عشرة سنة‏.‏

قلت‏:‏ لعل الذهبي وهم في مدة خلافته والصحيح أنه ولي سنة ثلاث وعشرين وستمائة وتوفي سنة أربعين‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وأربع عشرة إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وثلاث أصابع‏.‏

السنة الرابعة من سلطنة الملك الصالح نجم الدين أيوب على مصر وهي سنة إحدى وأربعين وستمائة‏.‏

فيها ترددت الرسل بين السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب المذكور وبين عمه الملك الصالح إسماعيل صاحب الشام في الصلح وكان الملك المغيث بن الصالح نجم الدين هذا في حبس الصالح إسماعيل صاحب الشام بدمشق فأطلقه الصالح إسماعيل وخطب للصالح هذا ببلاده ثم تغير ذلك كله وقبض الصالح إسماعيل ثانيًا على الملك المغيث بن الصالح نجم الدين وحبسه‏.‏

قال أبو المظفر - رحمه الله -‏:‏ ‏"‏ وفيها قدمت القاهرة وسافرت إلى الإسكندرية في هذه السنة فوجدتها كما قال الله تعالى‏:‏ ذات قرار ومعين معمورة بالعلماء مغمورة بالأولياء الذين هم في الدنيا شامة‏:‏ كالشيخ محمد القباري والشاطبي وابن أبي أسامة‏.‏

وهي أولى بقول القيسراني رحمه الله في وصف دمشق‏:‏ أرض تحل الأماني من أماكنها بحيث تجتمع الدنيا وتفترق إذا شدى الطير في أغصانها وقفت على حدائقها الأسماع والحدق قلت‏:‏ وأين قول أبي المظفر من قول مجير الدين بن تميم في وصف الإسكندرية‏:‏ لما قصدت سكندرية زائرًا ملأت فؤادي بهجة وسرورا ما زرت فيها جانبًا إلا رأت عيناي فيها جنة وحريرا وفيها صالح صاحب الروم التتار على أن يدفع إليهم في كل يوم ألف دينار وفرسًا ومملوكًا وجارية وكلب صيد وكان صاحب الروم يومئذ ابن علاء الدين كيقباذ وهو شاب لغاب ظالم قليل العقل يلعب بالكلاب والسباع ويسلطها على الناس فعضه بعد ذلك سبع فمات فأقام وفيها توفي الشيخ نجم الدين خليل بن علي بن الحسين الحموي الحنفي الفقيه‏.‏

قدم دمشق وتفقه بها وخدم المعظم ودرس في الريحانية بدمشق وناب في القضاء بها عن الرفيع‏.‏

ومات في شهر ربيع الأول ودفن بقاسيون‏.‏

وفيها توفي مظفر الدين الملك الجواد يونس بن مودود بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب‏.‏

وقد تقدم من ذكره نبذة كبيرة عند وفاة الملك الكامل محمد بدمشق‏.‏

انتهى‏.‏

وكان مظفر الدين هذا قد جاء إلى ابن عمه الملك المعظم لما وقع بينه وبين الملك الكامل صاحب مصر ما وقع فأحسن إليه المعظم ثم عاد إلى مصر لما مات الملك الأشرف موسى شاه أرمن فأقام بها عند الكامل إلى أن عاد صحبته إلى دمشق وأقام بها إلى أن مات الكامل فملكوه دمشق حسب ما حكيناه في ترجمة الكامل والعادل ابنه ووقع له بعد ذلك أمور‏.‏

وكان جوادًا كما اسمه ويحب الصالحين والفقراء‏.‏

قال أبو المظفر‏:‏ ‏"‏ إلا أنه كان حوله من ينهب الناس ويظلم وينسب ذلك إليه ‏"‏‏!‏‏.‏

قلت‏:‏ ثم قبض عليه عمه الملك الصالح إسماعيل واعتقله فطلبه الفرنج لصحبة كانت بينهم فخنقه ابن يغمور وقال‏:‏ إنه مات وكان ذلك في شوال ودفن بقاسيون دمشق في تربة المعظم‏.‏

وأما ابن يغمور فإنه حبس بإذن الصالح بقلعة دمشق ثم شنقه الملك الصالح أيوب لما ملك دمشق‏.‏

بعث به ابن شيخ وفيها توفي الشيخ الصالح الزاهد أبو بكر الشعيبي كان من أهل ميافارقين وكان من الأبدال بعث إليه غازي صاحب ميافارقين مرارًا يسأله الإذن في الزيارة فلم يأذن له فقيل له‏:‏ هل يطرق البلاد التتار‏.‏

فرفع رأسه إلى السماء وأنشد‏:‏ وما كل أسرار القلوب مباحة ولا كل ما حل الفؤاد يقال ثم خرج إلى الشعيبة وهي قرية هناك وقال‏:‏ احذروا لي هاهنا فبعد يومين أموت فمات بعد يومين - رحمه الله تعالى -‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي أبو تمام علي ابن أبي الفخار هبة الله بن محمد الهاشمي خطيب جامع ابن المطلب ببغداد وله تسعون سنة‏.‏

وأبو الوفاء عبد الملك بن عبد الحق بن عبد الوهاب بن عبد الواحد بن الحنبلي‏.‏

وأم الفضل كريمة بنت عبد الوهاب القرشية في جمادى الآخرة‏.‏

والعدل أبو المكارم عبد الواحد بن عبد الرحمن بن عبد الواحد بن محمد بن هلال في رجب‏.‏

وأبو طالب عبد اللطيف بن محمد بن علي بن القبيطي التاجر وله ست وثمانون سنة‏.‏

وأبو محمد عبد الحق بن خلف الحنبلي‏.‏

وأبو الرضا علي بن زيد التسارسي الخياط بالثغر‏.‏

والأعز بن كرم بن محمد الإسكاف‏.‏

والقاضي شمس الدين عمر بن أسعد بن المنجا الحنبلي وله أربع وثمانون سنة‏.‏

والحافظ تقي الدين إبراهيم بن محمد بن الأزهر بدمشق وله ستون سنة‏.‏

وقيصر بن فيروز المقرئ البواب في رجب‏.‏

وقاضي القضاة الرفيع الحنبلي في آخر السنة‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاث أذرع وقيل أكثر‏.‏

مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذراعًا وثماني أصابع‏.‏

السنة الخامسة من سلطنة الملك الصالح نجم الدين أيوب على مصر وهي سنة اثنتين وأربعين وستمائة‏.‏

فيها توفي شهاب الدين أحمد بن محمد بن الناقد وزير الخليفة‏.‏

كان أبوه وكيل أم الخليفة الناصر لدين الله ونشأ ابنه هذا وتنقل في الخدم حتى ولي الوزارة للخليفة المستنصر ولقب مؤيد الدين وحسنت سيرته‏.‏

وكان رجلًا صالحًا فاضلًا عفيفًا دينًا صار في وزارته أحسن سيرة - رحمه الله تعالى -‏.‏

وفيها توفي شيخ الشيوخ تاج الدين أبو محمد عبد الله بن عمر بن علي بن محمد بن حمويه‏.‏

كان فاضلًا نزها شريف النفس عالي الهمة صنف التاريخ وغيره وكان معدودًا من العلماء وفيها قتل القاضي الرفيع عبد العزيز بن عبد الواحد بن إسماعيل أبو حامد الملقب بالرفيع‏.‏

قال أبو المظفر في تاريخه‏:‏ قيل إنه كان فاسد العقيدة دهريًا مستهترًا بأمور الشريعة يخرج إلى الجمعة سكران وكذلك كان يجلس في مجلس الحكم وكانت داره مثل الحانات قبض عليه أمين الدولة وبعث به في الليل إلى بعلبك وصودر هناك وباع أملاكه وبعد ذلك جاءه داود النصراني فقال‏:‏ قد أمرنا بحملك إلى بعلبك فأيقن بالهلاك فقال‏:‏ دعوني أصلي ركعتين‏!‏ فقال له داود‏:‏ صل فقام يصلي فأطال فرفسه داود من رأس شقيف مطل على نهر إبراهيم فوقع فما وصل إلى الماء إلا وقد تقطع - وقيل‏:‏ إنه تعلق بذيله بسن الجبل فما زال داود يضربه بالحجارة حتى قتله - قلت‏:‏ لا شلت يداه‏!‏ فإنه كان من مساوئ الدنيا‏!‏‏.‏

وفيها توفي الملك المغيث عمر بن السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب صاحب الترجمة مات في حياة والده الملك الصالح في حبس دمشق - بعد أن عجز والده في خلاصه - في يوم الجمعة ثاني عشرين شهر ربيع الآخر وحمل إلى تربة جده الملك الكامل محمد فدفن بها وكان شابًا حسنًا عاقلًا دينًا‏.‏

وقد مر من ذكره نبذة كبيرة في عدة مواضع من هذا الكتاب‏.‏

وفيها توفي شمس الأئمة محمد بن عبد الستار بن محمد الإمام العلامة فريد دهره ووحيد عصره المعروف بشمس الأئمة الكردري البراتقيني الحنفي‏.‏

وبراتقين‏:‏ قصبة من قصبات كردر من أعمال جرجانية‏.‏

قال الذهبي‏:‏ كان أستاذ الأئمة على الإطلاق والموفود إليه من الآفاق برع في علوم وأقرأ في فنون وانتهت إليه رياسة الحنفية في زمانه‏.‏

انتهى قلت‏:‏ وشمس الأئمة أحد العلماء الأعلام وأحد من سار ذكره شرقًا وغربًا وانتشرت تصانيفه في الدنيا - رحمه الله تعالى -‏.‏

الذين ذبهر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي شيخ الشيوخ تاج الدين عبد الله بن عمر بن علي الجويني في صفر وله سبعون سنة‏.‏

وأبو المنصور ظافر بن طاهر بن ظافر بن إسماعيل بن سحم الأزدي المطرز بالإسكندرية في شهر ربيع الأول‏.‏

وأبو الفضل يوسف بن عبد المعطي بن منصور بن نجا العسالي‏.‏

ابن المخيلي أحد رؤوس الثغر في جمادى الآخرة وله أربع وسبعون سنة‏.‏

وأبو الضوء قمر بن هلال بن نطاح القطيعي في رجب‏.‏

وتاج الدين أحمد بن محمد بن هبة الله بن محمد بن الشيرازي في رمضان وقد نيف على السبعين‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع سواء‏.‏

مبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعًا سواء‏.‏

السنة السادسة من سلطنة الملك الصالح وهي سنة ثلاث وأربعين وستمائة‏.‏

فيها كان الحصار على دمشق من الخوارزمية‏.‏

وفيها كان الغلاء العظيم بدمشق وبلغت الغرارة القمح ألفًا وستمائة درهم وأبيعت الأملاك والأمتعة بالهوان‏.‏

وفيها أيضًا كان الغلاء بمصر وقاسى أهلها شدائد‏.‏

وفيها توفي الوزير معين الدين الحسن ابن شيخ الشيوخ أبو علي وزير الملك الصالح أيوب وهو الذي حصر دمشق فيما مضى‏.‏

كان استوزره الملك الصالح بعد أخيه عماد الدين وكانت وفاته بدمشق في شهر رمضان ودفن إلى جانب أخيه عماد الدين المذكور بقاسيون‏.‏

وفيها توفي عبد المحسن بن حمود بن عبد المحسن أبو الفضل أمين الدين الحلبي كان كاتبًا لعز الدين أيبك المعظمي وكان فاضلًا دينًا بارعًا حسن الخط‏.‏

ومن شعره في إجازة - رحمه الله تعالى -‏:‏ قد أجزت الذي فيها إلى ما التمسوه مني فلهم بعدها رواية ما صح لديهم من الرواية عني وكانت وفاته في شهر رجب ودفن بباب توما‏.‏

وفيها توفيت ربيعة خاتون بنت أيوب أخت السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب وأخت الملك العادل أبي بكر بن أيوب كان تزوجها أولًا سعد الدين مسعود بن معين الدين أنر وبعد موته تزوجها صلاح الدين بن مظفر الدين بن زين الدين صاحب إربل ثم قدمت دمشق وهي صاحبة الأوقاف وماتت بدمشق ودفنت بقاسيون وقد جاوزت ثمانين سنة‏.‏

وفيها توفي أحمد بن عيسى ابن العلامة موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة الإمام الحافظ الزاهد سيف الدين بن المجد الحنبلي‏.‏

ولد سنة خمس وستمائة‏.‏

وسمع الحديث الكثير وكتب وصنف وجمع وخرج وكان ثقة حجة بصيرًا بالحديث ورجاله ومات في أول شعبان‏.‏

وفيها توفي عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى أبي نصر الإمام المفتي تقي الدين أبو عمرو ابن الإمام البارع صلاح الدين النصري الكردي الشهرزوري الشافعي المعروف بابن الصلاح‏.‏

ولد سنة سبع وسبعين وخمسمائة وتفقه على والده الصلاح بشهرزور وغيره وبرع في الفقه والحديث والعربية وشارك في فنون‏.‏

ومات في شهر ربيع الآخر ودفن بمقابر الصوفية‏.‏

وفيها توفي علي بن محمد بن عبد الصمد العلامة شيخ القراء بدمشق علم الدين أبو الحسن الهمذاني السخاوي المصري‏.‏

ولد سنة ثالث أو تسع وخمسين وخمسمائة وكان إمامًا علامة مقرئًا محققًا مجودًا بصيرًا بالقراءات ماهرًا في النحو واللغة إمامًا في التفسير مات بدمشق في وفيها توفي محمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل الحافظ ضياء الدين أبو عبد الله المقدسي السعدي ثم الدمشقي الصالحي صاحب التصانيف المشهورة‏.‏

ولد سنة تسع وستين وخمسمائة وسمع الكثير ورحل البلاد وكتب وصنف وحصل شيئًا كثيرًا من الأجزاء والأسانيد‏.‏

ومات يوم الاثنين الثامن والعشرين من جمادى الآخرة وله أربع وسبعون سنة‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي الحافظ أبو القاسم عبد الرحمن بن مقرب التجيبي الإسكندري في صفر‏.‏

والحافظ أبو العباس أحمد بن محمود بن إبراهيم بن نبهان بن الجوهري بدمشق في صفر‏.‏

والحافظ العلامة تقي الدين عثمان بن الصلاح عبد الرحمن بن عثمان الكردي في شهر ربيع الآخر وله ست وستون سنة‏.‏

والحافظ سيف الدين أحمد بن المجد عيسى بن الموفق في شعبان‏.‏

والحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي في جمادى الآخرة وله أربع وسبعون سنة‏.‏

والحافظ الفقيه تقي الدين أحمد بن المعز محمد بن عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي في شهر ربيع الآخر وله اثنتان وخمسون سنة‏.‏

والحافظ المفيد تاج الدين محمد بن أبي جعفر أحمد بن علي القرطبي إمام الكلاسة في جمادى الأولى‏.‏

والرئيس عز الدين ابن النسابة محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن بن عساكر في رجب وله ثمان وسبعون سنة‏.‏

والعلامة موفق الدين يعيش بن علي بن يعيش النحوي بحلب في جمادى الأولى وله تسعون سنة‏.‏

والعلامة علم الدين علي بن محمد بن عبد الصمد الهمذاني السخاوي المقرئ المفسر وله خمس وثمانون سنة في جمادى الآخرة‏.‏

وأبو غالب منصور بن أحمد بن أبي غالب محمد بن محمد المراتبي ابن المعوج فيه وله ثمان وثمانون سنة‏.‏

وخطيب الجبل شرف الدين عبد الله ابن الشيخ أبي عمر محمد المقدسي فيه أيضًا‏.‏

والحافظ مجد الدين محمد بن محمود بن حسن بن هبة الله بن محاسن بن النجار محدث العراق في شعبان وله خمس وتسعون سنة‏.‏

والصاحب معين الدين حسن ابن شيخ الشيوخ صدر الدين محمد بن عمر الجويني بدمشق في رمضان‏.‏

والشيخ أبو الحسن علي بن الحسين بن المقير النجار بمصر في ذي القعدة وله ثمان وتسعون سنة‏.‏

وأبو بكر محمد بن سعد بن الموفق الصوفي بن الخازن ببغداد في ذي الحجة وله سبع وثمانون سنة‏.‏

والأمير سيف الدين علي بن قليج ودفن بتربته داخل دمشق‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذراعًا وأربع عشرة إصبعًا‏.‏

السنة السابعة من سلطنة الملك الصالح نجم الدين أيوب على مصر فيها توفي الملك المنصور صاحب حمص واسمه إبراهيم بن شيركوه بن محمد بن أسد الدين شيركوه الكبير أخو أيوب‏.‏

كان المنصور هذا شجاعًا متواضعًا موافقًا للملك الصالح إسماعيل ومصاهرًا له‏.‏

ومات بدمشق في يوم الأربعاء حادي عشر صفر وحمل في تابوت إلى حمص ومات وله عشرون سنة‏.‏

وقام بعده على حمص ولده الأشرف موسى فأقام بها سنتين وشهورًا وأخذت منه‏.‏

وفيها تسلم السلطان الملك الصالح أيوب قلعة الصبيبة من ابن عمه الملك السعيد ابن الملك العزيز ثم أخذ السلطان أيضًا حصن الصلت من الملك الناصر داود صاحب الكرك‏.‏

وفيها قدم رسولان من التتار إلى بغداد أحدهما من بركة خان والآخر من باجو فاجتمعا بالوزير مؤيد الدين ابن العلقمي فتغمت على الناس بواطن الأمور‏.‏

وفيها أخذت الفرنج مدينة شاطبة من بلاد المغرب صلحًا ثم أجلوا أهلها بعد سنة عنها‏.‏

فما شاء الله كان‏.‏

وفيها توفي بركة خان الخوارزمي أحد الخانات الأربعة كان أصلحهم في الميل إلى الخير وكان الملك الصالح نجم الدين - صاحب الترجمة - قد صاهره وأحسن إليه وجرى منه عليه ما جرى في حياة والده الملك الكامل‏.‏

ولما قتل انحل نظام الخوارزمية من بعده وكان قتله بالقرب من حلب في قتال كان بينه وبين صاحب حلب وحمص‏.‏

وقد تقدم ذكر ذلك كله في أول ترجمة الصالح هذا‏.‏

قال الأمير شمس الدين لؤلؤ‏:‏ لما التقينا على حمص رأيت الخوارزمية خلقًا عظيمًا وكنا بالنسبة إليهم كالشامة السوداء في الثور الأبيض فقال لي غلماني يعني مماليكه‏:‏ أيما أحب إليك نأخذ بركة خان أسيرًا أو نحمل رأسه إليك‏.‏

فقلت‏:‏ رأسه كأن الله أنطقني والتقينا‏.‏

فلما كان بعد ساعة وإذا بواحد من أصحابنا يحمل رأسًا مليح الصورة وليس في وجهه سوى شعرات يسيرة ولم يعرفه أحد ولا نحن عرفناه وانهزموا وجيء بطائفة منهم أسارى فلما رأوا الرأس رموا نفوسهم من خيولهم وحثوا التراب على رؤوسهم فعلمنا حينئذ أنه رأسه وبعثنا به إلى حلب‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي أبو عبد الله محمد بن حسان بن رافع العامري خطيب الموصل‏.‏

وعبد المنعم بن محمد بن محمد بن أبي الضياء الدمشقي بحماة‏.‏

والزاهد إسماعيل بن علي الكوراني ودفن بمقابر الصوفية‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ست أذرع سواء‏.‏

مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وتسع أصابع‏.‏

نجم الدين أيوب على مصر وهي سنة خمس وأربعين وستمائة‏.‏

فيها نزل الوزير فخر الدين ابن الشيخ بعسكر الصالح نجم الدين المذكور على طبرية ففتحها عنوة وحاصر عسقلان وقاتل عليها قتالًا عظيمًا وأخذها المسلمون‏.‏

وفيها وجه الملك الصالح نجم الدين تاج الدين بن مهاجر من مصر إلى دمشق ومعه المبارز نسيبه ومعهما تذكرة فيها أسماء جماعة من أعيان الدماشقة بأن يحملوا إلى مصر فحملوا وهم‏:‏ محيي الدين بن الزكي وابن الحصيري وابن العماد الكاتب وبنو صصرى الأربعة وشرف الدين بن المعتمد وابن الخطيب العقرباني والتاج الإسكندراني الملقب بالشحرور وأبو الشامات والحكيمي مملوك إسماعيل وغازي والي بصرى وابن الهاب المحتسب وأخرج العماد ابن خطيب بيت الأبار من جامع دمشق وولى العماد الحرستاني الخطابة عوضه‏.‏

وسبب حمل هؤلاء الجماعة إلى مصر أنه نقل إلى الملك الصالح أيوب أنهم خواص الصالح إسماعيل فخاف أن يجري ما جرى في النوبة الأولى من أخذ دمشق‏.‏

ولما وصلوا إلى مصر حبس منهم السلطان الملك الصالح جماعة فأقاموا في الحبس إلى أن مات الملك الصالح فأخرجوا وعادوا إلى دمشق‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي العلامة أبو علي عمر بن محمد الأزدي الإشبيلي النحوي الشلوبيني في صفر وله ثلاث وثمانون سنة‏.‏

وأبو مدين شعيب بن يحيى الإسكندراني الزعفراني التاجر بمكة - شرفها الله تعالى - والشيخ علي بن الحسن بن المنصور الحريري في رمضان عن سن عالية‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ست أذرع سواء‏.‏

مبلغ الزيادة سبع عشرة ذراعًا وتسع عشرة إصبعًا‏.‏